
طرق الربح المجربة للمبتدئين بدون رأس مال
في سنة 2021 كنت جالس في القسم، أنظر إلى الزملاء حولي، ولاحظت شيئاً أزعجني:العقلية نفسها، الطموح نفسه تقريباً…الهدف عند الأغلبية: وظيفة، راتب آخر الشهر، إنفاق، ثم حياة رتيبة إلى أن نموت.في تلك اللحظة بالضبط قلت مع نفسي: "لا، أنا لا أريد هذه الحياة." قررت أن أخرج من هذا المسار التقليدي، وأبحث عن شيء يجعلني أعيش الحياة التي أريدها، لا الحياة التي فُرضت عليّ. تزامن هذا القرار مع موجة “العمل على الإنترنت”.كنت أصلاً ضعيفاً في الدراسة، فبقي أمامي خيار واحد تقريباً: إما أن أنجح في هذا الطريق، أو… لا شيء.البداية: البحث عن الربح من الإنترنت… والصدمة
لم أترك الدراسة فوراً في تلك السنة، لكنني توقفت تقريباً عن الذهاب إلى المدرسة.كنت أقضي اليوم كاملاً مع الهاتف، أدخل يوتيوب وأبحث:
"كيف تربح المال من الإنترنت؟"
كل فيديو أدخله أجد صاحبه محتالاً أو يقدّم وهماً.
جرّبت كل تلك التطبيقات التي تقول لك:
"شاهد الإعلانات تربح المال."
في يوم من الأيام جلست من الصباح حتى منتصف الليل وأنا أشاهد إعلانات،
كل ما بقي لي هو 10 دراهم فقط لأستطيع سحب المال… ولم أستطع إكمالها.
بعدها اكتشفت أن هذا النظام أصلاً مجرد فخ.
من هنا بدأ الشك:
"هل هناك فعلاً شيء اسمه ربح من الإنترنت؟ أم أن كل هذا وهم؟"
بين الشك و"حرق القوارب"
صرت أبحث أكثر، بدأت أتغيب عن المدرسة، حتى أن الإدارة كانت تتصل بالوالد،
وكان يظن أنني أذهب إلى المدرسة بينما أنا في مكان آخر.
في إحدى المرات زرت أستاذاً (أب إسماعيل)، وقال لي كلاماً لم أسمعه من قبل في حياتي.
كلام جعلني أعود إلى المدرسة أسبوعاً فقط… لأرضيهم، لا لأقتنع.
بعدها رجعت إلى الهاتف والكمبيوتر من جديد.
ومع كل هذا، لم يدخل جيبي ولا ريال واحد من الإنترنت.
الشك ازداد: "يبدو أن هذا الطريق لا فائدة منه."
لكن جاءت اللحظة الحاسمة: سقطت في الدراسة، وتركتها نهائياً. أصبحت مثل ذلك الجيش الذي ذهب ليحتل منطقة، فقام قائده بحرق القوارب: "إما ننتصر ونبقى، أو نموت هنا، لا رجوع." لم يعد عندي خيار “الرجوع للمدرسة”.
صرت أجلس أمام الحاسوب من الخامسة صباحاً إلى العاشرة ليلاً، كل يوم، لمدة ثلاث سنوات.
تخيل معي: ثلاث سنوات كاملة بدون أن أدخل حتى أول ريال.
لأنني لم أكن أفهم الطريق بعد. أول دولار… وبعده كل شيء يتغيّر في بداية هذه السنة أخيراً دخلت أول مبلغ من يوتيوب. لن أكذب عليك، لم أدخل 10 مليون، ولا مليون.
لكن بدأت أرى:
200 دولار
300 دولار
500 دولار
وبدأت تأتي بسهولة نسبية، مقارنة بما قبل.
وهنا فهمت شيئاً مهمّاً جداً:
الذي يمنعك من الربح من الإنترنت هو أول دولار فقط. بعد أن يدخل أول دولار، تتغيّر نظرتك، وتفهم الطريق،
وبعدها يصبح دخول 100 و1000 وما فوق مسألة وقت وتنظيم. الآن أريد أن أشارك معك خلاصة سنوات من التجربة، حتى تساعدك في دخول أول مال لك من الإنترنت. سأبدأ بالعقلية التي تحتاجها، ثم أعطيك أهم الطرق، وفي الأخير كيف تضاعف دخلك.
أولاً: غيّر عقليتك عن “الربح من الإنترنت”
1. الإنترنت مثل الواقع… ليست ماكينة نقودالإنترنت ليس مكاناً سحرياً تضغط فيه على زر أو إعلان وتنهمر عليك الأموال.
الإنترنت مثل الواقع تماماً:
يمكنك أن تعمل فيه كموظف.
أو تضرب “برايكوت” (أعمال صغيرة بالمهمة).
أو تبني فيه مشروعك الخاص.
مصطلح “الربح من الإنترنت” يبرمج عقلك لا شعورياً أن
"أنا لا يجب أن أعمل كثيراً… فقط أضغط وستأتي الأموال."
امسح هذه الفكرة من رأسك.
لا يوجد "تربح"، يوجد "تعمل وتُتقن، ثم تربح".
2. قصة الصيادين: التركيز أهم من التنقل
في يوم من الأيام تعلمت درساً من البحر.
كان هناك صيّادان:
واحد كلما رمى الشبكة يصبر ويجتهد ويصطاد.
والآخر كل لحظة يغيّر المكان، وكلما لم يصطد شيئاً قال: "ليس هنا حوت، عندك الزهر أنت فقط."
في النهاية ذهب الصياد الثاني إلى الأول وقال له:
"عندك الزهر، جئت لمكان مليء بالسمك."
الصياد الأول رد عليه:
"يا ولدي، أنا لي 40 سنة في هذا البحر.
ليس زهر، بل خبرة وتركيز وصبر."
الإنترنت مثل هذا البحر تماماً:
إذا بقيت تقفز من مجال لمجال:
يوم دروبشيبنغ
يوم تداول
يوم يوتيوب
يوم برمجة
فلن تجد شيئاً.
إذا اخترت مجالاً واحداً وركزت عليه بجدية:
لن تجد مجالاً واحداً خالياً من المال.
المشكلة ليست في المجال، بل في عدم التركيز.
3. التعلّم يحتاج سنوات… ليس أسبوعاً
لو أردت أن تصبح طبيباً، كم سنة تحتاج؟
12 سنة دراسة أساسية
ثم سنوات في الجامعة
ثم تدريب (ستاج)
ثم تبدأ العمل وتكسب المال
لكن في الإنترنت:
تتعلم المونتاج أسبوعاً واحداً،
فتريد في الأسبوع الثاني أن تكسب المال منه!
إذا اخترت مجالاً، تعلّمه بعمق.
اطحنه، جرّب، أخطئ، صحّح،
ثم عندما تصبح جيداً فيه، فكر بعدها في المال.
4. لا تُتلف المال… استثمره
أغلب الناس عندما يبدأ يدخل المال:
يتحمس،
فيبدأ يقلل العمل، ويزيد الصرف.
يشتري أشياء لا يحتاجها ليظهر فقط:
درّاجة،
هاتف جديد،
ملابس…
والأسوأ من هذا: يضيع في اللهو والبلاوي.
نصيحتي:
عندما تبدأ تجني المال من الإنترنت:
لا تصرفه كله.اجمع جزءاً منه، واستثمره في نفسك.
أنا مثلاً:
اشتريت كتباً بحوالي 4000 درهم.
مشترك في عدة أدوات ومنصات مدفوعة تساعدني في صناعة المحتوى.
قد تقول: "أنت مجنون تصرف كل هذا على كتب وأدوات!"
لكن الحقيقة أن هذا الاستثمار هو الذي جعل دخلي يزيد أكثر بعدها.
5. عقلية السكين: لا تعتمد على مصدر واحد
لو بقيت فقط "مونتير" تعمل للناس مونتاج، يمكنك أن تدخل مبلغ محترم،
لكن هذه عقلية محدودة.
عقلية السكين:
لا تكتفي بنصل واحد، بل تجعل له أكثر من وظيفة.
مثلاً في المونتاج:
تعمل مونتاج للناس (دخل رقم 1).
تعلّم المونتاج في دورات مدفوعة (دخل رقم 2).
توظف شباباً يعملون معك مونتاج وتأخذ أنت نسبة (دخل رقم 3).
تصنع محتوى تعليمي عن المونتاج وتربح من الإعلانات (دخل رقم 4).
هكذا تبدأ بالخروج من دائرة “خدم أكثر تربح أكثر”
وتدخل لدائرة “ذكاء أكثر، دخل أكبر، عمل أقل”.
6. وهم الأمان… لا في وظيفة ولا في إنترنت
بعض الناس يقول لك:
"العمل على الإنترنت ليس فيه أمان. ماذا لو قطعوا الإنترنت؟ ستموت جوعاً."
أقول له:
في كورونا، كم من الناس فقدوا وظائفهم وهم في “أكثر شيء يعتبرونه آمناً”؟
في الزلازل الأخيرة، الناس كانت في وسط بيوتها،
وفجأة اهتز كل شيء.
في النهاية، أنت نفسك ستموت في يوم من الأيام.
أين هو الأمان المطلق في هذه الحياة؟
لا تبحث عن شيء اسمه “أمان 100%”، فهو غير موجود.
ابحث عن:
مهارة في يدك،
فكر
مرونة،
تستطيع أن تتحرك بها في أي ظرف.
ثانياً: أربع طرق حقيقية للربح من الإنترنت
من الآخر:هناك أربع طرق أساسية للربح من الإنترنت،
ومن يقول لك غيرها بدون شرح واضح، غالباً يريد أن ينصب عليك.
1. بيع منتج رقمي
مثل:
دورة تدريبية
استشارة
جلسة كوتشينغ
ملف رقمي، كتاب PDF، قالب… إلخ
هنا يجب أن:
تكون تعرفت وتعلمت الشيء الذي تبيعه جيداً.
تحتاج رأس مال بسيط:
لتدفع منصة تستضيف دورتك،
أو نظام لاستقبال الاستشارات،
أو أداة لتنظيم عملك.
هل يمكن أن تفعلها مجاناً مثلاً على واتساب؟
يمكن، لكن يكون العمل غير احترافي، والناس لا تثق كثيراً،
والنصب في هذا النوع منتشر من الطرفين:
زبون لا يدفع.
أو بائع يأخذ المال ويختفي
2. بيع منتج واقعي (إي-كوميرس أو أفلييت)
قد يكون:
منتجاً تجلبه من الصين أو من كازا،
ثم تبيعه في الواقع أو عبر الإنترنت.
أو:تعمل أفلييت (تسويق بالعمولة) دون أن تشتري المنتج.
شركات معينة تتكفّل بكل شيء:
التخزين
التوصيل
التحصيل
وأنت دورك أن تجلب لهم الزبون فقط.
مثال ذكرتُه:
منصات مثل سِيمو لايف ويحيى الذين أسسوا شبكة "SEAUDY NETWORK":
هم يتكفلون بالديوان، المنتَج، والتوصيل.
أنت تروّج، سواء بإعلانات مدفوعة أو في مجموعات مجاناً.
على كل منتج تبيعه، تأخذ نسبة واضحة.
أنا شخصياً جرّبت معهم:
بعت منتجاً واحداً،
كانت نسبة الربح فيه 200 درهماً،
وصلني المبلغ للحساب البنكي بدون مشاكل،
وسحبته من البنك.
(هذا ليس إعلاناً مدفوعاً، لكن مثال واقعي لطريقة عمل الأفلييت في بلادنا.)
3. “الفليبينغ” – تشتري بسعر وتبيع بسعر أعلى
هذه الفكرة يمكن أن تطبقها في:
العملات الرقمية (تداول).
أسماء النطاقات (Domains):
تشتري اسم موقع مميز (مثلاً .com)
تحتفظ به
تبيعه لجهة تحتاجه بثمن أعلى.
المبدأ واحد:
تشتري شيئاً بسعر، وتبيعه بسعر أعلى،
وتربح الفرق.
وهذه الطرق تحتاج رأس مال،
ليس شرطاً أن يكون كبيراً، لكن موجوداً.
4. بيع خدمة (بدون رأس مال تقريباً)
هنا لا تحتاج رأس مال، تحتاج مهارة.
الخطوات:
اختر مهارة:
مونتاج
فوتوشوب
كتابة إعلانات
إدارة صفحات
تصميم جرافيك
أي شيء تحبه ويمكن أن تتقنه
تعلّمها جيداً:
لا يكفي أن تشاهد فيديوهات يومين وتظن نفسك “محترفاً”.
اعمل، جرّب، نفّذ مشاريع وهمية أو حقيقية.
لديك طريقتان للعثور على عملاء:
إما تضع خدمتك في مواقع العمل الحر،
وتكتب وصفاً واضحاً وسعراً محدداً، فيأتيك العملاء هناك.
أو تستخدم الكولد أبروش:
تبحث عن أشخاص أو مشاريع تحتاج خدمتك.
تتواصل معهم مباشرة في الواقع أو عبر السوشيال ميديا.
تعرض عليهم خدمتك بطريقة محترمة ومحددة.
خطأ يقع فيه الكثيرون
كل يوم تصلني نفس الرسالة تقريباً:
"أنا شفت فيديوهاتك، والصورة المصغرة سيئة، خلي أصمّم لك أفضل واحدة."
عندما أطلب منه أن يريني أعماله:
أجد عملاً ضعيفاً جداً،
واضح أن صاحبه تعلّم يومين ويريد أن يبيع الخدمة في اليوم الثالث.
إذا كنت:تتعلم ساعتين فقط في اليوم،
فتحتاج سنوات لتصبح محترفاً فعلاً.
تذكّر:
أتقن الخدمة أولاً، ثم فكّر في المال.
ثالثاً: الربح بالمحتوى والإعلانات
هناك طريق آخر لا يعتمد على بيع خدمات أو منتجات مباشرة،بل يعتمد على صناعة المحتوى.
1. الإعلانات المباشرة
هذا النوع هو عندما:
تتواصل معك شركة أو شخص،
يطلب منك أن تذكره أو تروّج له في فيديوهاتك،
وتتفقان على سعر معين.
أنا عندي قناة فيها حوالي 20 ألف مشترك،
ورغم ذلك، لم يأتني الكثير من الإعلانات المباشرة فيها كما يتصور البعض.
في قناة أخرى أعلّم فيها صناعة المحتوى،
لمّا وصلت فقط إلى 2000 متابع تقريباً،
جاءتني أكثر من 10 عروض لإعلانات مباشرة.
السر؟
نوع المحتوى والجمهور هو الذي يجذب المعلنين، ليس فقط عدد المتابعين.
إذا كان وجهك غير معروف، وعلاقتك مع جمهورك ضعيفة،
فلن يكون من السهل أن تثق بك الشركات بسرعة.
2. إعلانات أدسنس (غير المباشرة)
هنا:
تنشر فيديوهاتك على يوتيوب أو فيسبوك.
تظهر عليها الإعلانات تلقائياً.
تحصل من المنصة على مبلغ مقابل كل ألف مشاهدة تقريباً.
كلما زادت:
جودة المحتوى،
الاستمرارية،
المشاهدات،
زاد دخلك من الإعلانات.
رابعاً: ثلاثة أشياء تضاعف دخلك في أي مجال
مهما كان المجال الذي اخترته على الإنترنت، إذا أردت أن تضاعف دخلك فيه:1. ابنِ علامة شخصية (Personal Brand)
إذا أتقنت مهارة مثلاً:
ابدأ بصناعة محتوى عنها:
تعلّم الناس كيف يفعلونها،
أو أظهر أعمالك باستمرار في السوشيال ميديا.
بهذا تصبح:
معروفاً في هذا المجال،
عندما يسمع الناس اسم المجال، يتذكرون اسمك معه.
مثال:
عندما نقول “إيكوميرس” يتبادر في ذهن كثيرين اسم “سيمو لايف”.
أنت أيضاً يجب أن تربط اسمك بمجال ما.
2. تعلّم التسويق والمبيعات
كثير من الناس:
يتعلمون المهارة نفسها،
لكن لا يكسبون منها شيئاً.
السبب؟
لا يعرفون:
كيف يسوّقون لأنفسهم.
كيف يصلون للناس الذين يحتاجون خدمتهم.
كيف يبيعون الخدمة ويقنعون الآخرين بالدفع
مهارتان لا بد منهما:
التسويق (Marketing)
المبيعات (Sales)
3. الانضباط أهم من الحماس
الحماس جميل، لكن لا يكفي.
الانضباط هو أن:
تقوم بالعمل حتى عندما لا تكون لديك رغبة،
تلتزم بخطتك حتى في الأيام التي لا يعجبك فيها مزاجك.
لم أقل لك:
"اجلس وامنَح بركة وسيأتيك دخل خيالي."
قلت لك:
تعلّم،
اشتغل،
انضبط،
ثم سترى النتائج مع الوقت.